سياسة

بقلم عادل كعنيش : خواطر حول التاريخ العمراني لصفاقس

بقلم عادل كعنيش

انتهت هذا الاسبوع وبعد خمس سنوات تقريبا اشغال ترميم مسرح صفاقس بكلفة مالية بلغت خمسة ملايين دينار مولتها مشكورة بلديه صفاقس من أموالها الذاتية بدون اى دعم من وزارة الثقافة و لبس المسرح حلة جميلة اذ تم اعادة تهيىة قاعة العرض التى بلغت طاقة استيعابها 1110 مقعد ليستعد المسرح بدايةً من الغد لإيواء عروض مسرحية تعيد ايام الازدهار الثقافى الذى كان ساءدا بصفاقس حتى قبل الاستقلال

صفاقس كان لها مسرح اول شيد من طرف سلطات الحماية وافتتح يوم 22جانفى 1903 وصمم بناءه المهندس رافييل غى وجاء التصميم على النمط العربى الموريسكي الذى انتهجه الفرنسيون انطلاقا من مركزية البريد بالجزاءر ثم تواصل بتونس وصفاقس باقامة مبنى الخزينة بشارع الحبيب ثامر وكازينو البلفدير بتونس

اكتسح هذا النمط مدينة صفاقس فأقيم المسرح البلدى بصفاقس بالمكان الذى ياوى حاليا مقهى لا ريجانس بصفاقس وقد تم بناء مسرح صفاقس سنة 1903بطاقة استيعاب بلغت 538 مقعد وتواصل اعتماد النمط العربى الموريسكى فى اقامة البناءات المجاورة للمسرح على غرار بلدية صفاقس وعمارة بن رمضان وعمارة البنك التونسي (التى تنتظر الصيانة ) ثم نزل الزيتونة كما تواصل اعتماد هذا النمط المعماري حيث شهد رواجا بين الحربين العالميتين فأقيم قصر العدالة بتونس على هذا النمط والسوق المركزية بصفاقس

مسرح صفاقس الاول اصابته قنابل القوات البريطانية والأمريكية التى هاجمت ميناء صفاقس التى كانت محتلة انذاك من طرف المحور وهدم المسرح بالكامل يوم 30ديسمبر 1942على الساعة 30 .14 وشكل انهياره خسارة معمارية كبرى

الحى الاوربى بصفاقس تضرر كثيرا فى الحرب العالمية الثانية لذلك سارعت السلط الاستعمارية لتلافى الوضع فأعادت تصفيف شارع الهادى شاكر وجعلت مبنى البلدية. مواجها لباب الديوان وأقحمت زاوية الولى الصالح سيدى السلامى فى المبنى الموجود امام باب الديوان فوق محلات العارم وبنت مسجد بالطابق الاول وهو اول مسجد بصفاقس مبنى بطابق علوى واقامت زاوية لسيدى عمر كمون امام المحكمة الحالية نقلت فيما بعد لنهج برج النار بالمدينة العتيقة وبنت مسرحا حديثا بطاقة استيعاب تربو عن الألف مقعد وتم تدشينه سنة 1954 وكانت اولى المسرحيات التى قدمت بالعربية فى ذلك الوقت من طرف فرقة زكى طليمات بمشاركة يوسف وهبى ونجيب الريحاني

للتاريخ فان المجلس البلدى المنتخب سنة 1953 وسط معارضة من قادة الحزب الحر الدستورى اللذين عارضوا إصلاحات فوازار و لكن شارك فى هذه الانتخابات حسن القلاتى فى تونس الذى قتل من طرف ثوار الحركة الوطنية وشارك فيها فى صفاقس المرحوم الصادق عمار الذى انتخب ناءبا اولا لرءيس البلدية وقد كان للامانة التاريخية وراء تشييد سوق باب الجبلى الذى نصب وسط بهوه لاحقا سوق الحوت

بنى هذا السوق على نمط عمرانى شبيه بالسور وهو نمط فريد من نوعه بارد فى الصيف دافىء فى الشتاء ويعرف اليوم هذا السوق المغطى و الكبير بسوق عمار والبعض يطلقون عليه سوق قريعة لان المقاول الذى بناه هو المرحوم الحاج صادق قريعة وقد تم بعد الاستقلال تهيىة بهوه لياوى سوق الحوت فى تصميم راءع للغاية

الحى الاوربى بصفاقس هو بلا منازع من انجاز سلطات الاحتلال التى انجزت كذلك الملعب البلدى سنة 1934 والميناء التجارى قبل نهاية القرن التاسع عشر وشط القراقنة وربطت صفاقس عن طريق السكك الحديدية بتونس اولا وبالمتلوى ثانيا عبر محطات بلغ عددها 38 محطة تبتدأ من صفاقس محطة رقم 1وتنتهى بالمتلوى محطة 38 وكانت المحطة يطلق عليها maisonnette ومنها اقتبس اسم مزونة

لكن كل ما تم بناؤه من جهة باب الجبلى باستثناء مستشفى الهادى شاكر بطريق العين هو من انجاز دولة الاستقلال او من انجاز سكان المدينة اللذين مولوا بأموالهم الذاتية بناء الحى الزيتونى الذى يعرف اليوم بمعهد 15نوفمبر 1955ردا على قيام فرنسا ببناء معهد طريق قابس سنة 1952 الذى كان يسهر على اعداد التلاميذ للحصول على الباكلوريا الفرنسية

شرع فى بناء الحى الزيتونى بصفاقس سنة 1953 على غرار الحى الزيتونى الجديد بتونس (معهد بن شرف بتونس) ومبنى كلية الآداب بشارع 9افريل بتونس بتمويل غير عمومى

كان من المنتظر ان ياوى مبنى 9افريل كليات التعليم العالى الزيتونى على غرار جامعة الأزهر وذلك محاكاة لمعهد الدراسات العليا التابع لجامعة الصربون الذى افتتح منذ 1948 بشارع روما فى المبنى الذى احتضن كلية العلوم لاحقا ثم اوى مقر الولاية وجريدة الحرية ولكن عندما ألغى الاستاذ محمود المسعدى التعليم الزيتونى وجعله مقتصرا على كلية الشريعة واصول الدين استعمل مبنى 9افريل لإيواء دار المعلمين العليا وكلية الآداب وكلية الحقوق والعلوم الاقتصادية و كلية الشريعة واصول الدين والمدرسة العليا للحقوق بينما استعمل مبنى نهج روما لإيواء كلية العلوم وكان مدرجها الرءيسي بشارع فلسطين اين وجدت شعبة الحدائق بنهج فلسطين الذى كان يسمى نهج Courbet فى حين بعثت كلية الطب سنة 1964 بمستشفى شارل نيكول بتونس

وقع تنظيم موتمر صفاقس بالحى الزيتونى المبنى حديثا يوم 15نوفير 1955 و قد سهر على تأمين اشغال الموتمر ابناء الاتحاد العام التونسي للشغل تحت قيادة المرحوم الحبيب عاشور الذى كان المساند الاول لبورقيبة فى ذلك الوقت وقد ترأس الموتمر المرحوم احمد علولو والد الدكتور محمد علولو الذى شغل منصب وزير الرياضة بعد الثورة ومنذ ذلك الموتمر اصبح للحزب برنامجا اقتصاديا واجتماعياً كان من اعداد المرحوم مصطفى الفيلالى ثم طوره الاستاذ احمد بن صالح انطلاقا من دراسات وقع اعدادها باتحاد الشغل عن طريق استاذ الاقتصاد دوبرنيس

هذا هو جزء من تاريخ تونس عامة وتاريخ مدينة صفاقس خاصة التى سميت بعاصمة الجنوب لان التراب المدنى كان ينتهى بقابس وهى مدينة عرفت بانها محافظة الى حد كبير يتصف سكانها بالجدية ويقبلون على حذق ساءر الصناعات ولها تقديس كبير للعلم والمعرفة

 

لمتابعة كلّ المستجدّات في مختلف المجالات في تونس
تابعوا الصفحة الرّسمية لتونس الرّقمية في اليوتيوب

تعليقات

الى الاعلى