مجتمع

بقلم توفيق بوعون/ أيّ استراتيجية للأمن القومي في تونس: الأهداف والتحديات في ظل التحولات العالميّة وضرورات حالة الديمقراطية

من إعداد توفيق بوعون  مستشار لدى مصالح رئاسة الحكومة
·         خبير في شؤون الدفاع والأمن والاستراتيجيات الدولية للأمن
·         ساهم في اعداد الدراسة الاستشرافية تونس 2025 عن معهد التونسي للدراسات الاستراتيجية
·         خريج معهد الدفاع الوطني الدورة 34 التي كان لها شرف اعداد اول مشروع للكتاب الابيض للدفاع والامن بتونس
·         عضو في الشبكة الدولية لمكافحة التطرف العنيف
·         محاضر بالمدرسة القومية للإدارة وبمعهد الدفاع الوطني وبالمدرسة العليا لقوات الأمن الداخلي

حوصلة

لا يمكن الجزم بأن صياغة استراتيجية وطنية للآمن القومي هو أمر هيّن، تختلف الدول حول المقومات والمضامين، كل وفق أولوياته وخياراته المركزية، ولكنها تلتقي حول قواسم مشتركة أهمّها مجال الدّفاع والأمن الذي يعتبر ركنا من أركان الأمن القومي.

إن الاستراتيجية الوطنية للآمن القومي، وثيقة أساسية وعلنية لدى الأنظمة الديمقراطية تضبط ماهية الأمن القومي وما يجب تشريعه وتقنينه والاتفاق عليه ليس من أجل استمرارية الدولة فقط بل ومن أجل المحافظة على الميثاق المجتمعي وحق الأجيال المقبلة في العيش الآمن والبيئة السليمة.

تطرقت تونس كأوّل بلد عربي الى إنجاز كتاب أبيض للدفاع والأمن، احتضن معهد الدفاع الوطني مشروع الإنجاز وتولت الدورة 34 مشكورة إنهاءه الى من يهمه الامر، لكن استكمال الإنجاز يقتضي شروطا أساسية سنأتي لاحقا على ذكرها.

نكتفي في هذه المرحلة بالتعرض لدراسة مسألة أصبحت تفرض نفسها في ظل التحديات الإرهابية التي تهددنا الا وهي: تصور لما يمكن ان تكون عليه الاستراتيجية الوطنية للأمن القومي، وهي تختلف عن الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الإرهاب والتطرّف التي وقع إنجازها.

تتنزّل هذه الدراسة في باب تقديم ما نعتبره مفيدا لإنجاز استراتيجية وطنية للآمن القومي في ضلّ التحولات الإقليمية والمتغيرات الدوليّة.

فهل تغير تعريف الأمن القومي في الدول المتقدمة أم ما زال يراوح داخل مربع الدّفاع والاّمن؟

وعلى أي أساس يجب توسيع إطار الأمن القومي ليتجاوز أمن الدولة وأمن نظام الحكم الى أمن المجتمع وأمن الامّة وأمن الأجيال المقبلة وضمان حقها في العيش السليم؟

وما هي مقومات الأمن القومي بناءا على خيار الديمقراطية كنموذج لنضام الحكم؟

وأي دور للمجتمع المدني والاعلام والبحث العلمي في الأمن القومي؟

وماهي شروط نجاح تطبيق استراتيجية وطنية للأمن القومي؟

تحليل عميق للتحولات العالمية التي تشهدها أعرق الديمقراطيات في مجال الممارسة السياسية ومدى ارتباطها بسلامة الأمن القومي

نتطرق فيه الى نظرة حديثة للاستراتيجية الوطنية للأمن القومي توظّف جميع قدرات الدولة وتعلن التعبئة العامّة داخل المجتمع.

”أن الدولة ليست وحدها ولم تعد ولا يمكن أن تكون وحدها المسؤولة عن الأمن القومي ولكنها الضامنة لسلامته”

”أن الأمن القومي مسؤولية نتقاسمها جميعا، عسكريين وأمنيين، خبراء وأكاديميين وجامعيين واعلاميين وباحثين ومكونات المجتمع المدني والمواطن أساسا، يتجاوز اليوم مفهوم الأمن القومي   المفهوم التقليدي لأمن الدولة وامن نظام الحكم الى مفهوم أوسع يشمل بالضرورة وبطلب ملحّ من الشعوب المتحررة ديمومة العقد الاجتماعي واحترام بنوده وضرورة العدالة التنموية والاجتماعية مع التمسّك بالخيار الديمقراطي والمحافظة على أمانة مستقبل الأجيال القادمة.”

مقدمة:

تختلف الدول في صياغة استراتيجية وطنية للأمن القومي[1]، كل وفق أولوياته وخياراته، ولكنها تلتقي حول قواسم مشتركة أهَمها مجال الدفاع والأمن الذي يعتبر ركنا من أركان الأمن القومي.

يحظى الجانب الأمني والعسكري بحيز هام داخل الاستراتيجية الوطنية للأمن القومي عموما ولكن المقاربات الحديثة لمسألة الأمن القومي وسعت دائرة الاهتمام الى مجالات أخرى كالصحّة والغذاء والتّعليم والثّقافة والاقتصاد والمعرفة وغيرها من الميادين، …

هي أعمدة أخرى للأمن القومي لا تقلّ أهمية عن مجال الدّفاع والأمن.

يرتكز المقوم الدّفاعي والأمني على تحديد الخيارات الدفاعية والأمنية[2] التي ستسلكها الدولة والتي تبنى عليها السياسات العسكرية و الأمنية وإعلان النوايا على مستوى السياسات الخارجية  بناءا على تقييم المخاطر والتّهديدات  الداخلية و الخارجية. كما يتطلب إحكام توظيف القدرات البشرية والمادية لبلوغ الأهداف المرجوة بناءا على إمكانات الدولة ومواردها.

واعتبارا للتهديدات والمخاطر[3] المحدقة بالأمن القومي يحظى الاستعلام والتحليل والاستغلال المعلوماتي بحيز هام داخل الاستراتيجية الوطنية للآمن القومي لتحقيق هدفي الاستباق والتوقي.

  1. ماهية الإستراتيجية الوطنية للأمن القومي:

تعتبر الاستراتيجية الوطنية للآمن القومي، وثيقة علنية[4] لدى الأنظمة الديمقراطية تضبط ماهية الأمن القومي وما يجب تشريعه وتقنينه وفعله وتوظيفه والاتفاق عليه من أجل إستمرارية الدولة والمحافظة على الميثاق المجتمعي وحفظ حق الأجيال المقبلة في العيش الآمن والمحيط السليم.

كما ترتكز الاستراتيجية الوطنية للأمن القومي على ضبط مكونات الأمن القومي والتعريف بالمخاطر التي تهدده وسبل المحافظة على سلامته حاضرا وضمان إستقراره مستقبلا، وذلك بالاتفاق على جملة من الشروط التي تستوجب:

  1. تحديد جملة القيم والمبادئ والاخلاقيات[5] التي يجتمع حولها التونسيون والواجب صيانتها
  2. تقييم المخاطر والتهديدات التي تترصد ميثاق المبادئ والقيم المجتمعية
  3. ضبط المصالح الحيوية لتونس التي يجب حمايتها والدفاع عنها
  4. تقييم المخاطر والتهديدات التي تترصد المصالح الحياتية للدولة التونسية
  5. استقراء جملة التحديات والرهانات الواجب كسبها لضمان حق الأجيال المقبلة في غد أفضل

تقتضي الاستراتيجية الوطنية للأمن القومي ضبط الوسائل والإمكانات السياسية والدفاعية والأمنية والديبلوماسية والمجتمعية الواجب توظيفها من اجل ضمان استعادة الدولة قدراتها وحماية مصالحها الحياتية ورفع تحديات الانتقال الديمقراطي وضمان غد أفضل.  Un Etat résilient[6].

تستوجب الاستراتيجية الوطنية للأمن القومي تقدير التهديدات الخارجية والداخلية التي تترصد البلاد التونسية وتقييم المخاطر الناتجة عنها وتمسّ من الأولويات الوطنية وتشكل خطرا على قيم ومبادئ الجمهورية وصبغتها المدنية

تتضمن الاستراتيجية الوطنية للأمن القومي اليات التوقّي من المخاطر التي تتربص بالبلاد والتصدي للتهديدات المتوقعة بما يضمن الحفاظ على هويتنا ونظامنا الاجتماعي ويحفظ سلامة الديمقراطية وحالة الحرية مع ضمان الكرامة الوطنية وحماية اقتصادنا الوطني. (التهديدات الهجينة الإرهاب، الجريمة المنظمة، الجريمة السيبرانية، المخدرات، الانحرافات الشبابية المخاطر البشرية والاقتصادية والطبيعية)

يتطلب إعداد تصور واضح لرسم سياسات الأمن القومي الاعتماد على نظرة واقعية للموارد والقدرات الحقيقية المتوفرة لدينا ولكن تعدد المتداخلين في مجال الامن القومي يستوجب تو سيع قاعدة العمل لصياغة الاستراتيجية الوطنية للآمن القومي اذ ان أي استثناء او اقصاء طرف فاعل من أطراف التعايش الاجتماعي يؤدي حتما الى وثيقة استراتيجية منقوصة وغير قابلة للتملك الجماعي. L’appropriation collective [7]

يتعدد المتداخلين في صياغة الاستراتيجية الوطنية للآمن القومي ولكن الأطراف الفاعلة تبقى الأهم في التشريك وهي:

  1. السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية
  2. أصحاب القرار في ضبط السياسات العمومية وتنفيذها

III.           الاعلام بمختلف مكوناته واصنافه

  1. المجتمع المدني والمنظمات الوطنية والمهنية والقطاع الخاص
  2. حلقات التفكير الأكاديمي والجامعي

ويتطلب التوفيق بينها إيجاد قاعدة مشتركة[8] لضمان توحيد الرؤى واعتماد نفس المنهج التحليلي حول القضايا التي تستوجب التركيز من اجل مناعة الوطن وضمان مستقبل الأجيال المقبلة وذلك بهدف:

اولا: تحديد الأولويات والتحديات حاضرا ومستقبلا- في زمن محدد 10 سنوات على سبيل المثال-

ثانيا: اعتماد منهج موحد لدراسة الحقبة الماضية والتعرف على هنّاتها والوقوف على انكساراتها Les ruptures du passé[9]

ثالثا: تحليل الوضع الحالي والوقوف على تحدياته ومخاطره وتهديداته المحلية والإقليمية والدولية

رابعا: استشراف المستقبل ووضع أفضل السيناريوهات الممكنة والمأمولة والعمل على تحقيق أحسنها بناءا على أفضل الممارسات واهم الإصلاحات الواجب اعتمادها في أسرع الآجال

  1. العوامل المؤثرة في الاستراتيجية الوطنية للآمن القومي

تخضع الاستراتيجية الوطنية للأمن القومي الى معايير علمية تأخذ بعين الاعتبار تحديد مكونات الامن القومي والأطراف الفاعلة فيه والنزعات الثقيلة التي تؤثر في الحاضر والإشارات الضعيفة التي يمكن ان تؤثر في المستقبل

Les tendances lourdes et les signaux faibles[10]

كما تستوجب درس المتغيرات الحالية والتوقعات المستقبلية في إطار زمني ثلاثي الابعاد يختزل:

-1التحليل الرجعي L’analyse rétrospective[11] و يهدف الى دراسة الماضي و الوقوف على أسباب القطيعة في مختلف الميادين السياسية و التنموية و الاجتماعية و التربوية و الثقافية و الصحية و الدينية و البيئية والعسكرية والأمنية.

-2 تحليل الواقع المعاش الحاضر   l’Etat des lieux و ذلك بالتعريف برهاناته و التحديات المفروضة عليه و تحديد المخاطر و التهديدات التي تتربص بهالداخلية و الإقليمية و الدولية

3-بناء نظرة استشرافية– Vision Prospective[12]   قادرة على التأثير الإيجابي في المستقبل بما يضمن الوصول الى تحقيق أفضل السيناريوهات المتوقعة.

 تبنى النظرة الاستشرافية على توظيف أفضل القدرات لجميع المتداخلين في الاستراتيجية الوطنية للأمن القومي تصاغ أحسن السيناريوهات باعمال الخيال الخلاق لرسم معالم المستقبل المرجو وذلك من خلال توظيف الذكاء الجماعي والاستباق والمبادرة بالفعل.

لا يمكن بناء استراتيجية وطنية للأمن القومي من دون الاتفاق بين جميع المتداخلين حول المبادئ والقيم الكونية والمجتمعية والجمهورية المزمع المحافظة عليها كخيارات مستقبلية لجيل الغد والاتفاق حول المصالح الحيوية الواجب الدفاع عنها لديمومة الدولة وحفظ حق الأجيال المقبلة في العيش السليم كما يستوجب البناء الوضوح في الافصاح عن انتماءاتها الإقليمية والدولية ومدى مساهمتها في سلامة وامن ورخاء الإنسانية.

تفصح الاستراتيجية الوطنية للأمن القومي على المكاسب الوطنية التي تنوي الدولة المحافظة عليها والدفاع عنها بما يضمن تماسك الامة، وحماية نظامها الجمهوري، وتعزيز البناء الديمقراطي، وتأمين التداول السلمي على السلطة، وترسيخ التقاليد الانتخابية كواجب وطني للتشاركية الديمقراطية، كما تعلن الدولة على جملة الاجراءات التي ستتخذها لتأمين وحماية الاقتصاد الوطني ومقاومة الآفات الاجتماعية.

لبلوغ أهداف الأمن القومي وجب السعي لتحديد أحسن المقاربات التي تشرك جميع المصالح لتعبئة القدرات وتقويتها بالاعتماد على الوسائل المتاحة من: قوات مسلحة وقوات الأمن الداخلي والديوانة والعدل والديبلوماسية، الصحة والثقافة، الإعلام، التربية، التعليم، الفلاحة، الصناعة، التجارة، السياحة، التكوين والتشغيل التعاون الدولي والاستثمار…وممثلي السلطة التشريعية وغيرها من الوسائل المتوفرة.

لا يمكن ضمان سلامة الامن القومي إذا لم تتمكن الاستراتيجية الوطنية للأمن القومي من ان تعكس[13] تشبث الشعب التونسي باستقلاله وسيادته وذوده عن حرمة وطنه وتمسكه بحماية القيم والمبادئ والاخلاقيات التي يجتمع حولها التونسيون والواجب صيانتها.

تختزل الاستراتيجية الوطنية للأمن القومي الاليات والتدابير الواجب اتخاذها للذود عن مصالحه الشعب الحيوية وضمان بقائه وحق بقاء الأجيال من بعده والمحافظة على موارده الطبيعية والتاريخية والاجتماعية وتوفير أنجع السبل لتمكين الناشئة من الأخذ بأسباب العلم والمعرفة والتمدرس وتحقيق النقلة الرقمية والارتقاء التكنولوجي لكي تضمن مكانها بين الدول.

  1. الشروط المبدئية لوضع استراتيجية وطنية للأمن القومي

يستوجب وضع استراتيجية وطنية للأمن القومي كذلك تعميق المعرفة وتوسيع الاطلاع على التجارب المقارنة بهدف التعرف على أفضل الممارسات لدى مختلف الدول الشقيقة والصديقة في مجال الامن القومي وكسب المهارات وتعزيز القدرات لإيجاد أنجح التصورات عند وضع الوثيقة التونسية للأمن القومي.

خلاصة المقارنات ان الدولة هي الضامنة للدفاع والأمن القومي، ولكنها ليست وحدها وأن أطراف فاعلة أخرى يجب أن تساهم في بناء الاستراتيجية الوطنية للأمن القومي وهي لا تقل أهمية عن دور الدولة الذي يربط بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، هي أطراف فاعلة لها دورها الفاعل في صلابة الأمن القومي باعتبارها شريك أساسي في البناء وهي تشمل المجتمع المدني والإعلام والمواطن ودونهم يبقى البناء منقوصا وقابلا للتقويض من الداخل والخارج.

كل الأطراف المتداخلة في الشأن الوطني لها موطئ قدم في بناء الأمن القومي للجمهورية التونسية من الداخل وكذلك من الخارج ولكن الدور الأساسي في رسم الاستراتيجية الوطنية للأمن القومي يرجع أساسا للدولة وذلك للارتباط بين استراتيجية الدفاع والأمن ومسألة الامن القومي.

يخضع تبويب أولويات الأمن القومي الى منهج موضوعي تمليه الظروف العصيبة التي تمر بها بلادنا من أزمة اقتصادية، ومحيط مغاربي مضطرب ووضع إقليمي ودولي غير مستقر ومتوتر.

يرتبط وضع استراتيجية وطنية للأمن القومي بالحراك الاجتماعي المتواصل والتحولات التي تشهدها المجتمعات في ظل بداية تهاوي نموذج الديمقراطية الكلاسيكية المعتمد على مبدا الانتخاب ثم المحاسبة بعد نهاية قترة الحكم

أصاب النظام الديمقراطي بالمناوبة أزمة حكم ناتجة عن عمودية السلطة.La Verticalité du pouvoir[14]

أدى إلى بروز نزعة المحاسبة توا وعدم انتظار نهاية المدة النيابية. La redevabilité immédiate

نشأت فكرة الديمقراطية التشاركية المباشرة مقابل الديمقراطية المهيمنة والحكم الافقي; توجهات جديدة بدأت تبرز في أعرق النظم الديمقراطية -الحكم العمودي- لا تعدو الا ان تكون ترجمة لقدر كبير من التشبع بمبدأ -السلطة بيد الشعب -يعطيها عن طواعية لمن يأتمنه على مصالحه ولكنه قادر على استردادها إذ اكتشف ان المنتخب وافر الوعود عاجزا عن الإنجاز.

La démocratie participative directe face à la démocratie hégémonique par députation et

L’horizontalité[15] du pouvoir face à la verticalité du régime

أصبحت مسالة الامن القومي محل تنسيب بما يتأقلم مع مصلحة الشعوب تستوجب استقراء التحولات المستقبلية على المستوى الدولي بهدف البقاء ضمن محور البلدان النامية والقادرة على لعب دور أساسي في المنطقة وعلى المستوى الدولي بما يضمن استمرارية الدولة حرمة و حدودها وحماية شعبها وتأمين موارده الأساسية[16]La continuité de l’Etat .

ترتبط أولويات الدولة التونسية ومصالحها الأساسية والحيوية باستمرارية الدولة وضمان حقوق تواصل التعايش الاجتماعي السليم والعيش الهانئ للأجيال المقبلة تحت نظام الجمهورية والأسلوب الديمقراطي. [17]

إن الهدف الرئيسي من وضع استراتيجية وطنية للأمن القومي هو استغلال أفضل القدرات وتوظيف أحسن المهارات باستعمال أنجع الوسائل المتوفرة عند الدولة التونسية لحماية مصالحها الحيوية ومواجهة التهديدات المتوقعة والمخاطر المحتملة وفق أنجع التصورات والسيناريوهات.

يتنزل ضبط المصالح الحيوية للبلاد والتصدي للتهديدات الداخلية والخارجية التي تمس منها في صميم رسم الاستراتيجية الوطنية للأمن القومي على ان يكون ذلك وفق رؤية مستقبلية شاملة تهدف الى المحافظة على استمرارية الدولة ووظائفها وحماية أمن المجتمع والمواطن من التهديدات والمخاطر الداخلية والخارجية.

  1. الشروط الموضوعية إحكام تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للأمن القومي

يشترط إحكام تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للأمن القومي حسن توظيف قدرات الدولة الدستورية والقانونية والحكومية والمجتمعية والإعلامية لمساندة المهمّة الأمنيّة والدفاعيّة في سبيل حماية أمنها القومي.

كما يستوجب نجاح التنفيذ، إحكام توظيف القدرات الحكومية المدنية والنظامية من اجل عدالة قضائية واجتماعية ناجزة وحسن تطبيق القانون بما يضمن العدل والمساواة.

يعتمد تحرير الاستراتيجية الوطنية للأمن القومي على شرح الغايات والأهداف التي ترغب الدولة تحقيقها من خلال تقييم قدراتها وإمكاناتها مقابل جملة التحديات والمخاطر والتهديدات التي تترصدها في محيطها المغاربي والإقليمي والدولي.

ومن شروط النجاح في التنفيذ كذلك

  • مشاركة جميع الأطراف في البناء.
  • التزام جميع الأطراف بالتنفيذ.
  • حسن التقييم والتقدير للتأقلم مع المستقبل.

إن الاستراتيجية الوطنية للأمن القومي وثيقة مفتوحة لمساهمة جميع المتداخلين، تعلن القيم والمبادئ التي يتمسك بها التونسيون وتفصح عن التزاماتهم وتعهداتهم امام المجموعة الدولية.

إن المحافظة على سلامة الامن القومي مرتبط بمدى تحقيق معادلة صعبة بين التصدي للمخاطر الإرهابية والإجرامية وفرض سيادة الدولة وهيبة القانون واحترام مقتضيات الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان، هي مؤشرات مصيرية في تحديد مستقبل استمرارية الدولة وحماية مجتمعنا وأمن المواطن.

إن تملك الاستراتيجية الوطنية للأمن القومي من قبل جميع الأطراف وتحفيز الهياكل المدنية والعسكرية والأمنية للمساهمة في العمل التشاركي يعد أحسن ضمان لنجاح تنفيذها،

                ”أن الأمن القومي مسؤولية نتقاسمها جميعا، عسكريين وأمنيين، خبراء وأكاديميين وجامعيين واعلاميين وباحثين ومكونات المجتمع المدني والمواطن أساسا، يتجاوز اليوم مفهوم الأمن القومي   المفهوم التقليدي لأمن الدولة وامن نظام الحكم الى مفهوم أوسع يشمل بالضرورة وبطلب ملح من الشعوب المتحررة ديمومة العقد الاجتماعي واحترام بنوده وضرورة العدالة التنموية والاجتماعية مع التمسّك بالخيار الديمقراطي والمحافظة على أمانة مستقبل الأجيال القادمة.”

.[18]

[1] التعريف القديم/ يعبر مصطلح الأمن القومي عن الإجراءات والتدابير التي تتخذها الدولة بهدف حماية شعبها وأرضها من أي تهديد أو اعتداء، ويكون ذلك عن طريق حشد وجمع الجيش، وتجهيز القوات العسكرية للدولة

التعريف الجديد/ الامن القومي هي جملة الاختيارات والتوجهات التي يتفق عليها الأطراف المتعايشة في ظل الدولة لحماية ميثاقهم الأخلاقي ونموذجهم المجتمعي ونظامهم السياسي للحكم وجملة الإجراءات والاحتياطات والتدابير الواجب اتخاذها لحماية مصالحهم الحيوية ومقدراتهم الحياتية لتامين حاضرهم ومستقبلهم القريب والخيارات والاتجاهات المستقبلية لتامين وضمان حقوق الأجيال المقبلة في العيش ضمن نفس الرقعة الأرضية وبنفس المتوفر اليوم او أفضل منه.

[2] Fixer le cadre stratégique de l’élaboration de la Loi de programmation militaire (LPM), qui doit porter l’effort de défense à un pourcentage du PIB à un horizon déterminé (H).

[3]Les menaces et les risques identifiés : Les évolutions rapides du contexte international imposeraient inévitablement une révision régulière de notre stratégie de défense. Les bouleversements intervenus depuis 2013, en particulier les attaques terroristes sur notre sol, mais aussi la dégradation sécuritaire aux frontières Libyenne, la montée de la criminalité organisée la cybercriminalité et la contrebande explique la nécessité de préparer une nouvelle loi de programmation militaire adaptée aux engagements de nos forces.

[4] Document stratégique de sécurité nationale accessible – non classified- dans les pays démocratiques

[5] Les valeurs universelles des droits de l’Homme, les valeurs de la république

Ex : La persévérance, la discipline, l’honnêteté, l’effort, le respect, l’autorité la vie, la loyauté, la famille, le sens de la communauté, le civisme, le bénévolat, le don de soi, la générosité, la compassion, l’amour des autres, la sobriété, la foi, le travail bien fait, la patrie, la solidarité, l’Histoire, les traditions, les rituels, la spiritualité, la passion, la bonne nourriture, le respect de ses parents, des ancêtres et leurs œuvres, la suite du monde par sa descendance

[6] La résilience : est la capacité d’un écosystème, d’une espèce ou d’un individu à récupérer un fonctionnement ou un développement normal après avoir subi une perturbation

[7]L’appropriation/ La transformation de l’adhésion à des objectifs en appropriation, permettant au public de s’y intégrer à l’idée en tant que partie prenante, ne peut se faire que si le public estime qu’il a pris part au processus d’élaboration et de décision.

[8] L’appropriation collective commence par l’organisation du dialogue.

[9] Les enseignements tirés de la lecture des incidents du passé

[10] Les tendances lourdes sont des phénomènes inévitables, qui structurent nos sociétés.

 Les signaux faibles sont des phénomènes émergents, qui peuvent se généraliser et/ou introduire des changements profonds dans nos sociétés.

[11] Analyse systématique qui consiste à reconstruire avec rigueur le déroulement de l’incident, sa chronologie et d’en faire ressortir les faits saillants- Looking back

[12] La prospective est la démarche qui vise d’une manière rationnelle, créative et holistique, à se préparer aujourd’hui à demain. Elle ne consiste pas à prévoir l’avenir mais à élaborer des scénarios possibles sur la base de l’analyse des données disponibles (états des lieux, tendances lourdes, phénomènes d’émergences, changements, ruptures, etc.) et de la créativité d’imaginer des futurs possibles.

[13] Refléter l’ambition et la volonté et l’attachement du peuple à son identité, son modèle sociétal, son indépendance, sa prospérité et préserver l’avenir des générations futures. Le thème de la Responsabilité envers les générations futures se développe au même niveau que celui du développement durable, dans un cadre scientifique pluridisciplinaire où théories économiques côtoient d’autres domaines.

[14]La consolidation du pouvoir entre les mains du président ou d’autre pouvoirs est communément appelée « la verticale du pouvoir » La verticalité concerne les pouvoirs souvent hiérarchisés d’organismes institutionnels tels que les gouvernements, les partis politiques, les assemblées nationales ou parlements, les Grands Corps Constitués, les syndicats… et dans le privé, les organigrammes des sociétés, les très grandes comme les PME.

[15] L’horizontalité concerne les citoyens organisés en associations ou sociétés diverses ou même solitaires, tous ceux qui en démocratie, deviennent électeurs ou votants, s’ils le veulent bien, qu’ils appartiennent à la gauche, à la droite, aux extrêmes ou au centre.

[16]    استمرارية الدولة C’est un principe fondamental du droit public, qui inspire tant le droit constitutionnel (la continuité de l’Etat) que le droit administratif. C’est un principe hérité de l’Ancien Régime qui reconnaissait la continuité de la monarchie (“le roi est mort, vive le Roi”), cette continuité étant désormais reconnue au bénéfice des personnes morales (les titulaires des fonctions peuvent être destitués, mais la personne publique demeure).

[17] La continuité de l’état et des services publiques n’est plus aujourd’hui une garantie de la continuité du modèle sociétal et de la démocratie, de nouveaux leviers participatifs sont apparus avec le nouveau monde qui vit sous la pression de la digitalisation et du pouvoir du monde de la finance.

Le monde de la finance a absorbé le monde de l’économie ; et obliger les politiques à jouer les seconds ordres.

(Crise des Gilets Jaunes en France 12/2018)

[18]  De la sureté de l’état à la Sureté Nationale- nous assistons à une migration du concept de la sécurité de l’état (qui reposait essentiellement sur les fondements militaro-sécuritaires dont la sureté des gouvernants et des régimes) vers un nouveau concept de sureté nationale qui consiste à des actions multiples :  protection des intérêts de la nation (du peuple) , la préservation de son modèle sociétal et son régime politique –la démocratie est son choix-  la protection de l’économie , la garantie de la justice sociale , fiscale et du développement économique ainsi que la protection des garanties des générations futures pour pouvoir vivre sous de meilleures conditions.

لمتابعة كلّ المستجدّات في مختلف المجالات في تونس
تابعوا الصفحة الرّسمية لتونس الرّقمية في اليوتيوب

تعليقات

الى الاعلى