-

قراءة في بعض تداعيات الثورة التونسية

مناوشة بين محمد البوعزيزي، شاب أصيل ولاية سيدي بوزيد وشرطية استهدفت موطن رزقه المتمثل في عربة للخضروات، تمكّنت من إنهاء حكم الرئيس زين العابدين بن علي الذّي امتدّ طيلة 23 سنة، ففي مثل هذا اليوم منذ 8 سنوات، كان يوم جمعة تحديدا، تصدّر خبر” مغادرة بن علي البلاد” وسائل الإعلام المحلّية والعربية والعالمية، لتكون تونس أولى البلدان العربية التّي تقف في وجه النظام وتجبره على الرّحيل.

تحتفل البلاد التونسية اليوم بمرور 8 سنوات على هذا الحدث، وهو الأبرز في تاريخها، منذ أن أمسك بن علي بمقاليد السلطة، 8 سنوات كانت كافية لإفراز جملة من التناقضات على جميع المستويات، حيث أصبح المواطن التونسي يتمتّع بمساحات هامة من الحرية في التعبير، كما فُتحت أمام الصحافة أبواب كانت مغلقة لسنوات طويلة،فقد أصبح انتقاد رئيس الدولة وسياسته وقراراته، بإختلاف الرؤساء الذّي تداولوا على السلطة منذ 2011 حتّى اليوم، أمر طبيعي في وسائل الإعلام التونسية، وهو ما لم نعهده سابقا وما لم نراه في عدد من الدّول العربية التّي شهدت تحرّكات مماثلة لما حدث في تونس.

لا يمكن أيضا عدم الحديث عن أحد أهم مخلّفات الثورة التونسية وهو التدوال السلمي على السلطة في ظلّ الديمقراطية والمساواة، حيث أنّ تعدّد الإختيارات في مختلف الإستحقاقات الانتخابية التّي شهدتها البلاد، منح الشعب التونسي امكانية اختيار من يمثّله بكلّ حريّة.

لكن في المقابل يواجه المواطن التونسي جملة من الصعوبات الإقتصادية والإجتماعية حيث أنّ نسبة التضخم في تونس شهدت نسقا تصاعديا من 2.5 بالمائة سنة 2010 إلى حدود 7.5 بالمائة في 2018، كما بلغت نسبة الدين الخارجي مستويات خطرة، لتصل لحدود 90.3 بالمائة من الناتج القومي الإجمالي، بعد أن كانت  في حدود 60 بالمائة قبل الثورة.

أمّا نسبة البطالة، وقد كان ارتفاعها أبرز الأسباب التّي دفعت الشباب التونسي إلى الإنتفاض، فقد فاقت نسبتها خلال الأشهر الأخيرة من السنة الفارطة الـ15 بالمائة، علاوة على ذلك، لا يمكننا غض الطرف عن الإرتفاع المشطّ في أسعار بعض الموّاد الأساسية، على غرار البيض والحليب، وهو ما يصل حدّ فقدانها في مناسبات عدّة.

وتجدر الإشارة إلى أنّ ذكرى اندلاع الثورة هذه السنة يتزامن مع الإضراب العام المنتظر تنفيذه في السابع عشرة من جانفي المقبل، نتيجة فشل المفاوضات بين كلّ من الاتحاد العام التونسي للشغل والحكومة بخصوص الزيادة في أجور الوظيفة العمومية، خاصة أمام التدهور في المقدرة الشرائية الذّي يعيشه التونسيون.

 

لمتابعة كلّ المستجدّات في مختلف المجالات في تونس
تابعوا الصفحة الرّسمية لتونس الرّقمية في اليوتيوب

تعليقات

الى الاعلى